المهمة المُنجزة بالمنطقة..!!
في مقالٍ يحمل عنوان "القول الفصل في معضلة بني يلمان"، الجزء الأول، كتب "عبد العزيز وعلي" أن قيادة الولاية الثالثة (القبائل) كلّفت الملازم (محمود معمري) بالتوجه نحو المنطقة، وذلك في صائفة 1956، من أجل محاولة توعية السكان من فخاخ محمد بلونيس، وأيضا من أجل القيام بمهاجمة فلول هذا الأخير العملية والقضاء عليها في نفس الوقت (أنظر الصورة رقم 01).
بعدها راح "وعلي" يسرد علينا معركة نسجها من بنات أفكاره، حيث قال إنه عقب عملية تمشيط ضخمة وشاملة قامت بها القوات الفرنسية شهر أوت 1956 وقعت معركة يوما كاملا بين جنود الملازم محمود معمري والجنود الفرنسيين، كان قد تكبد فيها العدو خسائر فادحة، وجرح في هذه المعركة الملازم المذكور، وعليه انسحب المجاهدون إلى قرية الصمّة (تتبع ولاية برج بوعريريج، تقع في الشمال الشرقي من بلدية بني يلمان) أين تمركزوا في مسجدها، وفي يوم الغد بدأت قوافل العدو بالتحرك قصد المرور من المنطقة، إلا أن الضباب الكثيف الذي غطى الأرض حال دون الاصطدام بين الجيشين من جديد (الضباب الكثيف في شهر أوت !!).
في هذا الشهر بالتحديد عُقد اجتماع الصومام (20 أوت 1956)، وبخصوص المهمة المنُوطة إلى الملازم (محمود معمري) قال "وعلي":"وفي هذه الأثناء بعث الملازم (سي محمود) بتقرير إلى القيادة الجهوية للثورة بالولاية الثالثة يحيطهم عِلْمًا بنجاح مهمته وانتصار فصائل الثورة في الناحية، وصادف أن وصل عون الاتصال المنطقي إلى أوزلاقن أيام إنعقاد مؤتمر الصومام أين سلّم التقرير إلى القائد عميروش الذي تلاه على المؤتمرين فاستبشر الجميع خيرا بانتهاء معضلة بني يلمان لصالح الثورة".
أما "عبد الحفيظ أمقران" فقد قال في مذكراته إن الإعداد والتحضير لاحتضان مؤتمر الصومام كان في شهر ماي 1956، وفي حين غرة حصل العدو على معلومات مفادها بأن شيئا ما سيقع تحضيره بالمنطقة، ومما زاد شكه في ذلك حين وقع وفد المجاهدين القادمين من المنطقة الرابعة والعاصمة في كمين بالقرب من تازمالت، وأعقبه تبادل اطلاق النار ليلا، مما حمل (البغلة)* التي كان تُقل بعض المحافظ وبداخلها وثائق على الهروب، وهو ما استغله العدو وعمل على شنّ حملة عسكرية واسعة شملت مثلث سطيف - البرج والبويرة - أقبو، إلى بوڨاعة شرقا.
ويضيف "أمقران" الذي انتقل وقتها مع عميروش من قلعة بني عباس إلى قرية موقة بأن هذا الأخير (أي عميروش) أرسل الضابط (الحسن أوشملاخ) ومساعده (محمود معمري) إلى ناحية المسيلة للتبشير بالثورة وربط الصلة بالصحراء (الولاية السادسة بعد اجتماع الصومام)، وأيضا تنظيم السكان في أولاد ثاير، والدريعات، وملوزة، وونوغة (!!).
إن ما أسماه "وعلي" بالمعضلة لم يُشّخِص أسبابها، بل نرى ما كتبه هو "المعضلة" في كل ما ذكره ها هنا نظرا لعدة اعتبارات:
- شهادة رفيقه في السلاح "أمقران" الذي كان قريبا من مصدر القرار بقرية موقة..
- ثمّ إن المصاليين لم يكن تواجدهم ببني يلمان فقط بل في كل ربوع المنطقة (الولاية) الثالثة (القبائل)، بما في ذلك القرى القريبة من بني يلمان، فلماذا يتم تكليف الملازم بانجاز المهمة في بني يلمان دون غيرها من المناطق!!؟
- تواجد المصاليين بالمنطقة سَبق تواجد الجبهة، ويؤكد ذلك ما قال به "أمقران" (التبشير بالثورة)، وهذا دليل واضح على أن عميروش كان يجهل تماما بأن تكون اخبار الثورة قد وصلت إلى الجهة فما بالك بتواجد بلونيس وأتباعه من المصاليين ببني يلمان أو الجهة ككل.
- المعركة لم تقع بين جنود جيش جبهة التحرير (FLN) والجنود الفرنسيين، بل خاضها جنود جيش الحركة الوطنية (MNA) الذين نصبوا كمينا في "سهل بوخدي" ببني يلمان يوم 21 ماي 1956 لقافلة عسكرية فرنسية قادمة من المسيلة، وقد يكون مرورها هو تمشيط المكان لذات السبب. لكن تاريخ مرور القافلة ليس كما ذكر (أوت 1956)، وطبعا سرد الأحداث.
- إجتماع الصومام تناول قضية المصاليين بالعموم، ولم يَخص بها بني يلمان كما ذكر "وعلي"، لأن الملازم (محمود) مساعد الضابط (الحسن) لم يتم ارسالهم لهذا العرض..وقد تقدم التأصيل.
---------------------
* يقول يحي بوعزيز في كتابة "الثورة في الولاية الثالثة":..كان محمدي السعيد يركب على بغل انتزع من جنود حركة تازمالت، وعليه بعض وثائق المؤتمر فسقط وسقط عليه محمدي السعيد، وهرب البغل واتجه مباشرة إلى الثكنة التي يقيم بها في تازمالت، وحمل معه إلى هناك أوراق المؤتمر، وقوائم المشاركين فيه، والخطوط العامة التي سيناقشها، والتاريخ الذي سينعقد فيه وهو 30 جويلية 1956، وكان ينقص فقط المكان، وكان ذلك بمثابة هدية للقوات الفرنسية التي أمر قائدها الجنرال ديليساقاري بشن حملة عسكرية على كل مناطق جبال البيبان، التي توهم أنها هي التي ستكون مكانا لهذا المؤتمر.ذ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق