عملية أوليفييه (أو أوليفي)..وعلاقتها بجريمة 28 ماي 1957 - تاريخ بني يلمان

أحدث المواضيع

هام


سكان بني يلمان ينتظرون الدولة الجزائرية الجديدة النظر في ملف قضية مجزرة بني يلمان ..فإلى متى ؟

Post Top Ad

الأحد، 11 أبريل 2021

عملية أوليفييه (أو أوليفي)..وعلاقتها بجريمة 28 ماي 1957

 عملية أوليفييه (أو أوليفي)..وعلاقتها بجريمة 28 ماي 1957...


هي إسم العملية التي دبّرتها فرنسا الاستدمارية لتنفيذ مخططاتها، وذلك بموافقة الحاكم العام بالجزائر السفاح "روبار لاكوست"، وبمشاركة مصالح الاستخبارات وقوات الجيش، بحيث أسندت هذه للعملية للنقيب "بينو"، وبمساعدة القوات الخاصة (وحدات الكومندوس 11ieme CHOC) تحت قيادة "روكول"، والعقيد "كاتس" قائد الأقاليم العسكرية للجنوب (الصحراء).
وتهدف هذه العملية - بحسب أحد الضباط الفرنسيين - إلى تغليب "الحركة الوطنية" على "جبهة التحرير الوطني"، و" العرب" ضد "القبائل" في المنطقة، حيث كان التواجد العسكري الفرنسي بها ضئيلا.
وبالأمس كنا قد ذكرنا بأن الملازم أول "أوليفييه ديبوس" قائد الفوج الثامن للسبايس بمركز الحوران (حمام الضلعة - المسيلة) قد شارك في مذبحة ملوزة (بني يلمان) في 28 ماي 1957. هذه المذبحة نُفذت يومين قبل تاريخ اللقاء الذي ضربه محمد بلونيس للنقيب الفرنسي "غامبيط" قائد مركز الصاص بأولاد ثاير (بن داود - برج بوعريريج) في مشتى قصبة بني يلمان يوم 31 ماي 1957.
ويعود تاريخ ربط بلونيس اتصالاته مع المتصرف الاداري لعين بوسيف (المدية) شهر جانفي 1957، بحيث أعلن هذا الأخير استعداده بأن يكون وسيطا بينه وبين السلطات الفرنسية. بعدها دخل معلم يدعى "بيارو" على الخط وهو الذي لفت انتباه "روبار لاكوست"، وعليه اعطى "لاكوست" تعليماته وفوّض النقيب "غامبيط" الإشراف والعمل على العملية، وفي 19 أفريل 1957 حدد بلونيس تاريخ ومكان اللقاء..
في اليوم الموالي بعد وقوع المجزرة، أي 29 ماي 1957، إلتقى بلونيس مع النقيب غامبيط، الذي ربطه على الفور بالنقيب "بينو"، وهذا الأخير كان قد إلتقى للمرة الثانية ببلونيس يوم 3 جوان 1957 في منطقة البراردة (سيدي عيسى - المسيلة)، ثم أعقبه لقاء ثالث يوم 7 جوان 1957، حيث قدم النقيب "بينو" لبلونيس اقتراحات فقبلها..من بين ما تمّ الاتفاق عليه هو وضع وحدات كومندوس فرنسية 11ieme CHOC في حالة استعداد تام للتدخل عسكريا إلى جانب بلونيس تحت قيادة "ريكول"...فيما بعد تخلصت وحدات الكومندوس 11ieme CHOC - بحسب إحدى الروايات - من بلونيس في النصف الثاني من عام 1958.
وبالعودة إلى وقت قبيل تنفيذ الجريمة وما جرى ليلتها بالعشيشات غرب "أم اللوزة" (ونوغة حاليا) على تخوم بني يلمان (مكان وقوع الجريمة) ننقل شهادة "سلطاني يحي" وهو أحد الشهود من المنطقة، حيث أكد فيها بأن أهل ملوزة (ونوغة حاليا) لم يكونو على دراية بالعملية التي كان ينوي جيش التحرير الوطني القيام بها، وأضاف قائلا في ذات السياق:"وقد تم فعلا استضافة حوالي 700 جندي بالمنطقة ليلة قبل تنفيذ العملية، على أساس أنهم كانوا في طريقهم إلى الجهة الفرنسية من ملوزة، الشيئ الذي رآه سكان ملوزة (ونوغة حاليا) أمرا عاديا خاصة أن الفترة كانت فترة حرب..".
إن ما جاء على لسان الشاهد ما هو إلا ذر الرماد في العيون من أجل إبعاد تهمة مشاركة بعض الرجال من عرشه والأعراش الأخرى في تنفيذ الجريمة صبيحة يوم 28 ماي 1957، إذ أن حجته في ذلك هو مهاجمة مركز أولاد ثاير الذي أشار إليه من خلال شهادته "..على أساس ٱنهم كانوا في طريقهم إلى الجهة الفرنسية من ملوزة"، ولعل ما يُفند ما ذُكِر، هو ما أدلى به (ز/ يحي) أحد المشاركين في الجريمة من عرش "أم اللوزة". والشيئ الآخر الذي يفند ما جاء به هو أن منفذي الجريمة من عرشه قاموا بعملية جمع كل الألآت الحادة والحبال قبل ذلك مما يثبت أنهم على علم بل ومتحمسين لذلك، كما أنهم بعد تنفيذ الجريمة أتوا بكل ما وقعت عليهم أيديهم وأعينهم من متاع وأموال وكل شيئ ثمين عثروا عليه بالقصبة أو اخذوه من المحتجزين..
النقطة الأخرى التي يتعين علينا ذكرها هو أن الباريكي الذي جِيئ به من ناحية أخرى غير الناحية الأولى التي وقعت بها الجريمة، حيث طلب من النقيب "أعراب" المتواجد ليلتها هو الآخر بذات المركز (العشيشات) بأن يكون تنفيذه للعملية بقرار يصدره قائد الولاية الثالثة "محمدي السعيد"، وهو ما تمت تلبيته له فورا وفي لمح من البصر، فقد قام "معلم القرآن" بتلاوة نص الرسالة المتكوبة بلغة عربية على مسامع الباريكي، وبموجب هذا أقدم صبيحة 28 ماي وهو على ظهر حصان أعاره له أحد رجال المنطقة هناك ونفذ الجريمة وسط تحليق الطيران الفرنسي وتواجد قوات برية بقيادة النقيب "غامبيط" المتمركز على بعد 3 كلم من مسرح الجريمة..بعدها انسحب منفذوا العملية إلى المنصورة (برج بوعريريج) وبني وڨاڨ (برج بوعريربج) التي عَقَد بها النقيب أعراب اجتماعا يوم 27 ماي 1957، أي قبيل اجتماع العشيشات بٱم اللوزة..
في يوم 29 ماي اتجه النقيب "غامبيط" إلى مسرح الجريمة ليقف على جثث الضحايا المبعثرة، ثم قام بعد ذلك بإبلاغ الرائد "باسكال" قائد مركز الصاص بـ"المنصورة"، وهذا الأخير كان وقتها إلى جانب كل من الجنرال "سالان" و"لاكوست" بعين أرنات (سطيف) من أجل حضور احتفالية تدشين القاعدة الجوية للطائرات المروحية يوم 30 ماي 1957. وبعدما أُبلِغت القيادة العامة بالأمر عندما عاد "سالان" و"لاكوست" إلى العاصمة، انتقل مسؤول الاعلام "ميشال غورلان" على متن طائرة مروحية إلى عين المكان مصحوبا بأرمادة إعلامية من الصحافة الفرنسية والعالمية لتغطية الحدث والتقاط الصور، وهناك قال للصحفيين (غالب الظن الصحافة الموالية للسلطات الفرنسية كجريدة لوموند ولوفيغارو...):"لا تتكلموا عن المواجهات العسكرية بين جبهة التحرير والحركة الوطنية، قولوا فقط إن أهل ملوزة (بني يلمان) تم القضاء عليهم لأنهم أوفياء لفرنسا". كما قامت السلطات الفرنسية في محاولة منها إلى إثارة النعرات الجهوية من خلال بث إشاعة "قبائل الشمال ذبحو عرب الجنوب" (وهذا أحد أهداف عملية أوليفي).
من خلال ما تم عرضه هنا وما نشرته سابقا يمكننا الجزم بأن أجهزة مخابرات فرنسا لها اليد الطُولَى في تحريك المؤامرة ونسخ خيوط العملية بدقة متناهية. غير أننا لا يمكننا التأكد ما إذا كانت شاركت في تنفيذ الجريمة ميدانيا، كما لا يمكننا - أيضا - أن ننفي ذلك نفيا قاطعا للاعتبارات التالية:
- تحليق الطيران الفرنسي صباحا يوم تنفيذ العملية !
- تواجد القوات البرية بقيادة النقيب غامبيط !
- تحرك الجنود من منفذي العملية عبر نقاط بها مراكز عسكرية فرنسية ك: بني وڨاڨ وأولاد ثاير القريبتين من بني يلمان !
- وكذا انتقالهم إلى جهة المنصورة وبني وقاق، وهذه الأخير نفس النقطة التي كانت نقطة انطلاقهم !
- استقدام الباريكي إلى الناحية الأولى وتكليفه بقيادة العملية وتنفيذ الجريمة !
- اعدام أزيد من 10 مجاهدين ممن رفضوا تنفيذ الأوامر، وكان بدون محاكمة !
- النقيب أعراب أوداك قائد المنطقة الثانية الذي يبقى أحد أهم حلقة غامضة في القضية..وسنترك للتاريخ بأن يكشف السر في ذلك.
- اعدام عميروش لمنفذي العملية بعد التحقيق واستجواب أعراب في غابة ثامقوط وتوسيع ذلك بعد اكتشاف عملية اختراق مست الولاية الثالثة !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Bottom Ad