ردة فعل الشهيد العقيد عميروش - رحمه الله - من مجزرة بني يلمان..
في يوم الإثنين 27 ماي 1957 دعا قائد المنطقة الثانية لعقد اجتماع حضره كل من: النقيب أعراب أوداك، وعبد القادر الباريكي، وسي سليمان "موسطاش" (محمد نذير بوشمال من المنصورة)، ورابح الثايري (من أولاد ثاير)، وعلاوة سيوان، وأحمد قادري (من أولاد سيدي إبراهيم بوبكر، وهو صاحب الشهادة)، وسي بوجمعة، وأحسن أومالو، وأخرون. يضيف "قادري" أنه بعد طرح القضية للدراسة ومناقشتها اتخذ قرار تضمن تنقل القادة التالية أسماءهم إلى الجهة، وهم: أعراب، الباريكي، سي سليمان، الثايري. مع شديد الإشارة إلى أن الاجتماع لا يمكن عقده في منطقة "بني وڨاڨ" (برج بوعريريج) - حسب الروايات - نهارا، خاصة وأنها تبعد (أي بني وڨاڨ) بـ 10 كلم عن مركز عسكري فرنسي في منطقة "حرازة"، ودون أن نغفل عن الأعين المنتشرة هنا وهناك التي تتحسس المجاهدين للوشاية بهم لأقرب مركز!! (وقت عقد الاجتماع ليلا لا نعلمه).
انتقل القادة المذكورة أسماءهم آخرا والجنود في جنح الظلام عبر أودية ووهاد ومنحدرات ومسالك صعبة وسط جبال شديدة الوعورة، حتى وصلوا "أم اللوزة - أولاد جلال" وتمركزوا بـ"العشيشات" غرب هذه الأخيرة، وهنا لا بد من وقفة قليلة ننقل فيها شهادة المجاهد "سلطاني يحي" (من أولاد جلال) المنشورة على صفحات يومية "الجزائر نيوز"، عدد: 150، الخميس 08 جويلية 2004، صفحة: 08. قال فيها:"إن سكان ملوزة (أولاد جلال) لم يكونوا على دراية بالعملية التي كان ينوي جيش التحرير الوطني القيام بها، فعلا تم استضافة حوالي 700 جندي بالمنطقة ليلة تنفيذ العملية..". لن نكتفيّ بشهادة صاحب المنطقة فقط، بل سننقل شهادة أحد الحضور هناك بالعشيشات، وهو من منطقة بجاية، شغل محافظا سياسيا لمدة 03 سنوات في دواوير الخرابشة وملوزة وبني يلمان، ونترك للقارئ الكريم المقارنة بين الشهادتين، يقول المجاهد "بقة عبد الرحمان" مايلي:"في يوم 27 ماي 1957، عقد تجمعا لتسع فصائل من قادتها، وهم: زوال علاوة، النعيمي بن عوف، محمد جلفاوي، سي موح شافع من آيت رزين (ترزين)، وفصيلة مسبلين من ملوزة..."، ومما قال أن الباريكي نادى على كاتب النقيب أعراب الذي كان يراسل بالعربية، اسمه "جرود سعدي"، ومحتوى الرسالة كان دقيقا يأمر فيها (أي أعراب) وضع حد لتصرفات هؤلاء الأشخاص بكل الوسائل. هنا لا بد لي من أن أبدي ملاحظة وهي أن الملازم الباريكي - حسب شهاد شهود عيان - كان قد طلب أمرا وقرارا مكتوبا لينفذ به العملية ويحمي نفسه في ذات الوقت، هذه الملاحظة تجعلنا نطرح أسئلة عدة، منها: ما مصدر القرار!؟ هل من قائد المنطقة الذي كان بجانب الباريكي بالعشيشات وتعمد "بقة عبد الرحمان" عدم ذكر ذلك!؟ أم مقر قيادة الولاية الثالثة!؟ فإذا سلمنا أن مصدره قيادة الولاية (محمدي السعيد)، فهل يعقل على حامله أن يذهب من "العشيشات" إلى "أكفادو" ويرجع بسرعة البرق ليسلم القرار للباريكي!؟ ولماذا لم يشرف النقيب أعراب على العملية أصلا وهو الأعلى رتبة من الباريكي الملازم!؟
انتقل القادة المذكورة أسماءهم آخرا والجنود في جنح الظلام عبر أودية ووهاد ومنحدرات ومسالك صعبة وسط جبال شديدة الوعورة، حتى وصلوا "أم اللوزة - أولاد جلال" وتمركزوا بـ"العشيشات" غرب هذه الأخيرة، وهنا لا بد من وقفة قليلة ننقل فيها شهادة المجاهد "سلطاني يحي" (من أولاد جلال) المنشورة على صفحات يومية "الجزائر نيوز"، عدد: 150، الخميس 08 جويلية 2004، صفحة: 08. قال فيها:"إن سكان ملوزة (أولاد جلال) لم يكونوا على دراية بالعملية التي كان ينوي جيش التحرير الوطني القيام بها، فعلا تم استضافة حوالي 700 جندي بالمنطقة ليلة تنفيذ العملية..". لن نكتفيّ بشهادة صاحب المنطقة فقط، بل سننقل شهادة أحد الحضور هناك بالعشيشات، وهو من منطقة بجاية، شغل محافظا سياسيا لمدة 03 سنوات في دواوير الخرابشة وملوزة وبني يلمان، ونترك للقارئ الكريم المقارنة بين الشهادتين، يقول المجاهد "بقة عبد الرحمان" مايلي:"في يوم 27 ماي 1957، عقد تجمعا لتسع فصائل من قادتها، وهم: زوال علاوة، النعيمي بن عوف، محمد جلفاوي، سي موح شافع من آيت رزين (ترزين)، وفصيلة مسبلين من ملوزة..."، ومما قال أن الباريكي نادى على كاتب النقيب أعراب الذي كان يراسل بالعربية، اسمه "جرود سعدي"، ومحتوى الرسالة كان دقيقا يأمر فيها (أي أعراب) وضع حد لتصرفات هؤلاء الأشخاص بكل الوسائل. هنا لا بد لي من أن أبدي ملاحظة وهي أن الملازم الباريكي - حسب شهاد شهود عيان - كان قد طلب أمرا وقرارا مكتوبا لينفذ به العملية ويحمي نفسه في ذات الوقت، هذه الملاحظة تجعلنا نطرح أسئلة عدة، منها: ما مصدر القرار!؟ هل من قائد المنطقة الذي كان بجانب الباريكي بالعشيشات وتعمد "بقة عبد الرحمان" عدم ذكر ذلك!؟ أم مقر قيادة الولاية الثالثة!؟ فإذا سلمنا أن مصدره قيادة الولاية (محمدي السعيد)، فهل يعقل على حامله أن يذهب من "العشيشات" إلى "أكفادو" ويرجع بسرعة البرق ليسلم القرار للباريكي!؟ ولماذا لم يشرف النقيب أعراب على العملية أصلا وهو الأعلى رتبة من الباريكي الملازم!؟
عند وقوع جريمة 28 ماي 1957 كان عميروش متواجد بتونس، يقول جودي أتومي أن عميروش كان جد مستاء لما وقع. وعند عودته قام بتكليف كل من: حميمي، ومحند أولحاج، ومحمد الرشيد، وعبد الله، وسي لعمارة وأخرون بالتحقيق في الموضوع، عميروش الذي أسرّ لأحد مجاهد أولاد منصور بالقول "إنك بالولاية الثالثة لا تعرف صديقك من عدوك"، كان يدرك جيدا أن الولاية ملغمة بالمندسين والعملاء، ولعل ما يعضد هذا ويؤكده ما أدلى به سكرتيره الخاص "حمو عميروش" بالقول "رفض عميروش إثارة القضية (مجزرة بني يلمان) حتى لا يشوش على قائده السابق العقيد محمدي السعيد"، من جهته الرائد حميمي كان قد قال في شهادة له أنه استلم رسالة موقعة من النقيب أعراب تتضمن مسؤوليته عن العملية التي تمت بأمره وتحت إشرافه. وهذا الأخير (أي أعراب) كان قد أكد في تقرير أنجزه بطلب من محمدي السعيد حمّل فيه مسؤولية العملية للملازم الباريكي. من جملة الاجراءات التي قام بها عميروش هو توقيف النقيب أعراب أوداك عن قيادة المنطقة الثانية ونزع شارته القيادية، وحسب شهادة الضابط مقرآن أيت مهدي فإن عميروش كان يلكم أعراب على بطنه كعقوبة له، وتشير الكتابات أنه بعد ذلك تم إرساله إلى لجنة التنسيق والتنفيذ لمحاكمته، بينما أخرى تؤكد أنه تمت تصفيته بأكفادو مع أزيد من 400 مشارك في العملية، وهو ما ورد في شهادة أحد القادة (م.س) بالولاية الثالثة. لم يتوقف عميروش عند هذا الحد، يقول المجاهد "عمروس سعيد": كنت ضمن كتيبة المشاة، وصلنا مشارف ملوزة أو بني يلمان وكانت مجاورة لدوار يسمى حرازة وهو معروف بولائه كبارا وصغارا ونساءا للاستعمار، وقد حذرنا منهم العقيد عميروش..فقرر عميروش أن نقصف قرية حرازة. ويضيف قائلا في نفس السياق "عميروش وقف أمامنا شخصيا وقال لنا حرفيا لن نحارب سكان حرازة ولكن صوبوا نحوهم أسلحتنا الثقيلة واقصفوهم ليكونوا عبرة فقمنا بقصفهم بناءا على أمره. وقد استفسرت عن هذه الحادثة عند زيارتي مؤخرا إلى حرازة منذ مدة ليست بالبعيدة فأكد لي أحد المهتمين بتاريخ المنطقة نقلا عن كبار السن هناك الذين تحتفظ ذاكرتهم بأحداث مختلفة من ثورة التحرير أن جيش التحرير الوطني هاجم مركز الصاص بأولاد ثاير. وإذا ما وضعنا اسقاطات على جغرافية المنطقة فإن أولاد ثاير هي القريبة من بني يلمان وملوزة وليست حرازة. للاشارة العقيد عميروش في رحتله الأخيرة إلى تونس التي استشهد فيها عام 1959، وعند مروره بالدريعات قام بإرسال رسالة اعتذار من أهالي بني يلمان وبعث بمبلغ مالي كتعويض عن الضحايا الـ 375 الذين سقطوا يوم 28 ماي 1957...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق